الثوار يأسرون 72 من قوات القذافي في البريقة ومصراتة تتعرض لقصف عشوائي
عودة العقيد حفتر قائد جيش الإنقاذ الوطني إلى ليبيا ترفع معنوياتهم
قال ثوار ليبيا الذين يقاتلون لإسقاط حكم العقيد معمر القذافي، أمس، إن عودة العقيد خليفة حفتر، قائد جيش الإنقاذ الوطني الليبي المعارض، والقائد السابق في حرب ليبيا وتشاد، من الخارج رفعت معنويات المقاتلين، وشددت قيادات الثوار على أهمية الإسراع بفرض حظر عسكري على القذافي، لتيسير كسب الجولة ضد قواته التي قالت إنها أصبحت تعاني من الإجهاد والنقص العددي بسبب معارك الكر والفر مع الثوار في عدة مواقع كان آخرها أسر 72 من قوات القذافي في البريقة
وقالت مصادر الثوار إن للعقيد حفتر قوات ليبية مدربة بشكل جيد في أميركا، وأعربت عن ارتياحها لوصوله إلى ليبيا، بعد أن كان قائدا للقوات الليبية التي خاضت حربا ضد تشاد في عقد الثمانينات من القرن الماضي، وأكدت المصادر أنه «جاء للقتال في صفوف الثوار ضد قوات القذافي»، مشيرة إلى أن «حفتر كان قد انشق مع المئات من قواته، قبل عشرين سنة، عن القذافي، وشكل جيشا في الخارج (يعتقد أنه كان في الولايات المتحدة) استعدادا لمواجهة قوات القذافي في المستقبل، وهو ما حدث أمس، حسب مصادر الثوار».
وقال قيادي في قوات الثوار لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من بنغازي، أمس: «العقيد حفتر عاد بالفعل، وهو موجود الآن في الشرق الليبي. عودته ترفع من معنويات الشباب الثوار. حفتر عاد ونعتقد أن ضباطه وجنوده عادوا معه، وكانوا جميعا يتدربون في الخارج طوال السنوات الست الماضية. لقد عادوا لمواجهة القذافي.. هذا وقتهم». ورفض المصدر الإشارة إلى الطريقة التي دخل بها حفتر وجنوده إلى الأراضي الليبية، وما إذا كانت عبر إنزال بحري في بنغازي أم بطريقة أخرى.
لكن مصدرا آخر في المعارضة الليبية، قال لـ«الشرق الأوسط» إن حفتر عاد بمفرده إلى ليبيا قادما من دولة سويسرا، مشيرا إلى أن حفتر انضم إلى جبهة الإنقاذ الليبية المعارضة بعد خروجه من الأسر في تشاد، والتحق مع قواته بالجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، وشكل في ما بعد جيش الإنقاذ الوطني بقيادته، قبل أن ينشق بعد ذلك عن جبهة الإنقاذ ويشكل مع آخرين من المعارضة ما عرف بـ«حركة الإصلاح والتغيير». وقال: «عدد من قوات حفتر تدربت في أميركا، وجزء كبير منها موجود فيها حتى الآن».
وأضاف المصدر المقرب من العقيد حفتر إن العقيد القذافي حاول تحييد حفتر عن قوى المعارضة الليبية بالخارج في عام 2004، وأنه منذ ذلك الوقت كان متخذا من سويسرا مقرا لإقامته، و«أصبح يراقب الأمور».
وبالتزامن مع تحركات الثوار ومساعيهم لتطوير أساليب المواجهة مع قوات القذافي المسلحة تسليحا جيدا، قامت الكتائب الموالية للعقيد الليبي بقصف مدينة زوارة، التي يبلغ عدد سكانها نحو 40 ألف نسمة وتقع على بعد 100 كيلومتر غرب طرابلس، وذلك بعد أن توجهت الكتائب الأمنية من مدينة صبراتة إلى الجهة الشرقية لزوارة التي انضمت إلى ثوار 17 فبراير (شباط) منذ بدايتها. وقال شهود عيان، عبر الهاتف، إن القصف على المدينة الساحلية يأتي من عدة جهات، وبخاصة الجنوب والشرق، وإن مجموعات من الثوار يقاومون بضراوة، و«صدوا تقدم 7 دبابات وعدد من المدرعات كانت تحاول التقدم نحو مداخل المدينة».
وقالت المصادر إن قوات القذافي بدأت تحاصر زوارة استعدادا للهجوم عليها منذ يوم أول من أمس، مشيرة إلى أن وفودا من قوات القذافي عرضت على سكان المدينة الاستسلام والخروج في مسيرات مؤيدة للقذافي، إلا أن السكان رفضوا؛ رغم تهديد قادة الكتائب الأمنية بشن هجوم بري وجوي على المدينة.
وقالت المصادر إن المواجهات على حدود زوارة أسفرت عن سقوط 5 قتلى من أبناء المدينة الرافضين لحكم القذافي وعدد من الجرحى، وإن القصف ما زال مستمرا من كل الجهات، وإن عدد القتلى والمصابين مرشح للزيادة.
وتعرضت مدينة مصراتة، أمس، لقصف عشوائي من قوات القذافي، قال شهود عيان إنه استهدف الأحياء السكنية من دبابات كانت مرابطة على مشارف المدينة، وإن القصف تزامن معه تحليق للمروحيات فوق المدينة. وتعد مصراتة آخر أهم قاعدة تسيطر عليها المعارضة في غرب ليبيا.
وأفاد شهود عيان بتجدد القتال ضد قوات القذافي في مدينة الزاوية الواقعة على بعد نحو 50 كلم غرب العاصمة طرابلس، وذلك بعد نحو يومين من قيام قوات القذافي وكتائب نجله خميس بقهر الثوار في المدينة المطلة على البحر المتوسط. وقال شاهد عيان إن المدينة التي تعرضت لدمار شامل بمشاركة الطائرات والمدفعية وقعت فيها معارك ضارية منذ الساعات الأولى من يوم أول من أمس، وإن الثوار أجبروا كتائب خميس على التقهقر من وسط المدينة، التي ما زالت تشهد اشتباكات متقطعة.
وفي البريقة أفادت المعلومات أن الثوار حققوا تقدما على قوات القذافي التي كانت شنت هجوما جويا وبريا على المدينة التي تعد من أهم المدن النفطية في الشمال الأوسط من ليبيا، مشيرة إلى أن قوات القذافي تعرضت لهجوم عكسي من قوات الثوار، وتمكنت من إلحاق خسائر فادحة في صفوفها، وقالت المصادر إن وحدة من القوات التابعة للثوار صدت هجوم قوات القذافي على البريقة، كما استعادت المنطقة الصناعية.
وصرح حامد الحاسي، الناطق العسكري باسم ثوار البريقة، إن الثوار تمكنوا من نصب كمين لقوات القذافي في وسط المدينة وتمت محاصرتها وقتل 20 من عناصرها، وأسر 25 آخرين، وإعطاب عدة آليات عسكرية، لكن المسؤول في «إذاعة ليبيا الحرة»، عبد الله إبراهيم، قال في وقت لاحق لـ«الشرق الأوسط» إن عدد الأسرى في صفوف قوات القذافي وصل إلى 72 أسيرا.
وإلى الشرق من البريقة، أفادت الأنباء بشن القوات الجوية الليبية هجوما على مدينة أجدابيا الخاضعة لسيطرة الثوار منذ بداية اندلاع ثورة 17 فبراير، مشيرة إلى أن قصف الطائرات الحربية طال، أمس، مناطق قريبة من الأحياء السكنية في المدينة، ومستشفى المقريف، ومعسكر النهر الصناعي، مما أدى إلى تدمير مقر شركة تركية في إحدى هذه الغارات.
وقال مراسل صحافي محلي في أجدابيا إن طيران القذافي شن هجوما قرب مخازن للذخيرة في المدينة، من دون سقوط قتلى وجرحى.
وقال مصدر آخر عبر الهاتف: «أجدابيا تعرضت لغارات جوية.. قوات القذافي قصفت مواقع خارج المدينة».
وحسب مصادر الثوار تعتبر حالة قوات القذافي الأمنية حتى الآن متماسكة، لكن قتال الكر والفر مع المعارضين يبدو أنه يجهدها، كما أنها تحتاج إلى أعداد إضافية من المقاتلين لتأمين المدن التي تقتحمها قوات القذافي. وطلبت اللجنة الشعبية العامة للأمن العام، في نداء بالتلفزيون الرسمي الليبي، متطوعين جددا للانخراط في هيئة الشرطة.
ويعول الثوار على فرض حظر دولي على قوات القذافي، مما يفقده أهم ميزة يقاتل بها معارضيه المسلحين تسليحا خفيفا. ويقول الثوار إن قرار الحظر الجوي يمكن أن يغير معادلة القوة لصالحهم في وقت وجيز.
وفي خطوة ذات مغزى قرر الثوار في بنغازي إجلاء المراسلين الأجانب عن المدينة وإعادتهم إلى الشرق. وقال مسؤول في إدارة تسيير الأعمال في بنغازي إنه بعد الكمين الذي قتل فيه موالون للقذافي أحد المصورين من طاقم قناة «الجزيرة»، تقرر إعادة المراسلين العرب والأجانب إلى مدينة طبرق على بعد نحو 460 كيلومترا، كإجراء احتياطي حتى لا يتعرضوا للأذى، خصوصا أن «جواسيس» تابعين لنظام القذافي أصبحوا يتتبعون كل من يعمل مع وسائل الإعلام العربية والأجنبية، للقبض عليه، مشيرا إلى اختفاء ما لا يقل عن 7 من المراسلين خلال الأسبوع الفائت.