14 آذار تنتفض على نفسها وتعلن مرحلة مواجهة جديدة
تظاهرة قوى الرابع عشر من آذار في الذكرى السادسة لانطلاق ما سمي آنذاك بانتفاضة الاستقلال، ليست كأي تظاهرة أخرى، في السنوات الفائتة، بل ربما هي أشبه بالتظاهرة الأولى عام 2005، والتي جاءت ردا على تظاهرة 8 آذار قبلها، والتي دعا فيها حزب الله وحلفاؤه إلى بقاء الجيش السوري في لبنان، وإلى عودة الرئيس عمر كرامي لتشكيل حكومة جديدة بدعم من الأكثرية النيابية آنذاك. وهذه التظاهرة ترفع شعارا واضحا هو إسقاط السلاح غير الشرعي خارج إطار الدولة، كما كانت التظاهرة الأولى تحمل شعارا واضحا هو خروج الجيش السوري من لبنان، لذلك تحتمل أهمية مفصلية باعتبار أن قوى 14 آذار، وللمرة الأولى منذ تشكلها عقب اغتيال الرئيس رفيق الحريري تتخذ موقفا واحدا لا لبس فيه، بمعارضة سلاح حزب الله، حتى لو كان لمقاومة إسرائيل، بما ينسف جلسات الحوار الوطني ومداولاتها التي لم تتجاوز النقاشات السطحية دون التوصل إلى أية نقطة مشتركة، حتى إن حزب الله وشركاءه تخلوا عن الحوار الوطني معتبرا إياه من مرحلة ماضية، بعدما تمكن قبل أسابيع من تحصيل أكثرية نيابية جديدة تسمح له بتشكيل حكومة جديدة من لون سياسي واحد.
لكن هل هذا الشعار واقعي؟ وهل هو مؤد للفتنة والاحتراب الداخلي؟ يعتبر أركان قوى 14 آذار أن الأكثرية النيابية السابقة وخلال دورتين انتخابيتين وأكثر من حكومة وحدة وطنية وجلسات متعددة للحوار الوطني، حاولت كل ما بإمكانها للتوفيق بين سلاح حزب الله وسيادة الدولة، ففشلوا في ذلك فشلا ذريعا، حتى تبين لهم أخيرا وبعد استنفاد كل الوسائل أن شعار الدولة والشعب والمقاومة لم يكن شعارا واقعيا، ولا حمى لبنان من نذر الفتنة، بل إن حزب الله استخدم سلاحه مباشرة في 7 مايو 2008، ضد قرارات الحكومة برئاسة فؤاد السنيورة، واستخدم سلاحه بطريقة غير مباشرة عبر الضغط باستخدامه لإسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري. فضلا عن ذلك، فإن سلسلة التسويات غير المنطقية مع حزب الله وحلفائه تحت شعار نبذ الفتنة، استنزفت قوى الرابع عشر من آذار، إلى درجة التهديد بانفراط عقدها، ولم يعد بإمكانها الاستمرار في مسار الانتحار السياسي الذاتي.