منتديات اسطورة الشرق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات اسطورة الشرق


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 نبؤة غجرية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
LeGenD
.

.
LeGenD


عدد الرسائل : 4092
نقاط : 69107

شارك الموضوع
Share: Share/Bookmark

نبؤة غجرية Empty
مُساهمةموضوع: نبؤة غجرية   نبؤة غجرية Icon_minitime2011-02-09, 04:36

نبؤة غجرية
ازداد الألم في جسد الشاب ، شعر بالعجز أسفل قدره ، شق عليه رؤية هزيمته بعينيه فأغمضهما ، لكنه رفض الأنكسار ، عاد يقاوم ، ظل يردد : كم أكرهني ..كم أكرهني .


***

أخذته الذاكرة على جناحها للماضي ، إلى البيت القديم ، حين كان في حضن أمه ، وسعلتْ فجأة دماء كثيرة ، انسكبت على وجهه لسوء حظه ، فترك والده الجريدة التي كان يقرأها ، وجرى إليها لنجدتها ، وألقى على الطفل نظرة قاتلة ، تتهمه بأشياء عديدة ، لم يفهمها في حينها ، لصغر عقله .

ربما كان يعلم ، ربما ذهب إلى عرافة من الغجر ، وربما كانت عمياء لكنها تستطيع رؤية الغيب ! ربما قالتْ له كل شئ ، ربما هزئ مما تقول ، ربما صدق ، لكن الأكيد أنه برئ من نبؤات العرافات ، ومن صدقهن إن صدقوا ، وربما كانت النبؤات انتقام الله من والده ، عقاب لأنه أراد أن يخترق حجاب الغيب السميك ، ويرى!

بعد أن قال لها : أحبكِ يا أمي .
ماتتْ الأم بعدها باسبوع ، وضعوها في تابوت احتوى جسدها ، لكن الجسد لم يظل على حاله ، التهمه الدود والظلام في القبر . وانتقل الظلام من القبر إلى صدر الطفل ، عندما رأى قسوة والده تكبر مع الأيام . حتى عندما سافرا إلى الإسكندرية ، ورغم أن البحر قد غسل روح الفتى ، إلا أن اللعنة ظلتْ قائمة ، والذكريات كانت تصعد بين الحين والآخر ، من قاع البحر أحيانًا ، ومن داخل حزن الفتى أحيانًا . حتى حكايات الجد التي كانت تقلل عتمة الظلمة ، بُهت قمرها عندما شُحب وجه الجد ، ومات ولكن الحكايات لم تمت معه .

"توتة توتة ..خلصة الحدوتة"
ويا ليتها قد انتهت . حاول أن يدعي الصلابة ، أن يصبح رجلاً أو صخرًا ، قاسي القلب . لكن أمواج البحار قادرة دومًا على تفتيت الصخور ، وإن لم نرَ ذلك رأي العين . فبعد أن انطفئ النور من عين الجد ، رحل عن البحر زرقته ، وأصبح أسود اللون ، لأن الكون أصبح ليلاً في عين الشاب .

"أنت لعنة أيها الشؤم"
يتذكر تلك المقولة التي يكررها والده دومًا ، لم يصدقها في البداية ، لم يصدقها أبدًا ، كان كلما سمعها ينكرها ويصدق عنها جنون والده . ومع كثرة تكرارها خاف منها ، أن يصدقها . كان يفكر لو صدقتْ ، فما ذنبه إن كانتْ تلك إرادة القدر ؟
فكر في الانتحار مرة أو مرتين ، كره الحياة وخاف منها ، حتى رأى تلك الفتاة ، ورأى قصائد شعر ملونة تحلق حولها ، وتتبع طيفها ، عادتْ الألوان مرة أخرى ، وأحب الفتاة ، وأحب الحياة . وعندما أحبها عاد للبحر زرقته ، وعندما أحبته أعادتْ له قوته من ضعفها ، جعلته يقدر على تحمل صرخات والده المجنون ، وسبابه الدائم .

يذكر عندما أعترف لها بعشقه ، حين كانا جالسين على شاطئ البحر ، فنظرت له بسعادة وتنهدت كأنها تقول : أخيرًا نطقتْ ، أحستْ بأنها تريد احتضانه ، لكنها خجلتْ رغم الشوق لذلك . شرعتْ ببناء بيت من رمل الشاطئ ، ففهم ، وابتسم ، وساعدها . وبعدها نظرا إلي البيت مليًا في سعادة ، ثم امسك بيديها ورحلا ، ورحلتْ الشمس في رحلة غروبها ، فآتت موجة عاتية واغرقتْ البيت وهدمت الحلم .

"كلما تحب أحدًا يموت"
كان يضحك دومًا كلما قال والده ذلك ، لكنه في المرة الأخيرة بكى ، بعدما وصل إليه خبر وفاة محبوبته . بدأ يصدق ، عندما تذكر ، حضن الأم ، وحواديت الجد ، وحلم العشق . علم سر حياته ، فقد فشل في حب نفسه . أخبره والده بأنه عليه أن يكره نفسه ، وقال: لو أحببتها لحفرت قبرك بيديك .
لم يُكذّب تلك المرة ، صدق على الفور ، وهل يحتمل الأمر احتمالات ؟ تمنى لو كان يحب والده ، لكنه كان يكرهه بشدة ، وكان يكرهه أكثر كلما قال الحقيقة .


***

ازداد الألم في جسد الشاب ، شعر بالعجز أسفل قدره ، شق عليه رؤية هزيمته بعينيه فأغمضهما ، لكنه رفض الأنكسار ، عاد يقاوم ، ظل يردد : كم أكرهني ..كم أكرهني .

عندما دخل اباه الغرفة ، مستندًا على الجدران ، بعدما ظل يناديه كثيرًا ، وماتت الإجابة ، فطن للخبر . تحسس جسده البارد ، نظر إليه بحزن وهو يتحسس ملامحه بيديه ، ثم ضحك بجنون ، وبكى بجنون ، صدقتْ النبؤة ، صدقتْ العرافات : سيموت الشؤم ذات يوم ، سيكره نفسه كرهًا شديدًا ، حبًا فيها ، فيموت
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://zero11.own0.com
 
نبؤة غجرية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات اسطورة الشرق :: ~¤¦¦§¦¦¤~المنتدى الأدبي~¤¦¦§¦¦¤~ :: منتدى القصص والروايات-
انتقل الى:  

للتسجيل اضغط هـنـا