مأساة منيرة ضحية بئر أم الدوم
سقطت منيرة في البئر، وسقطت معها أفراح أسرتها بقرب تعيينها مدرّسة في قرية أم الدوم شمالي الطائف، منيرة المتزوجة من ابن عمها تقضي يومها السابع في قاع بئر يصل عمقه إلى خمسين متراً وسط تأكيدات أمنية على وفاتها.
وقبل السقوط كانت منيرة في نزهة برية مع أخوات زوجها بالقرب من منزلهم في صحراء أم الدوم قبل أن تسقط بشكل مفاجئ في بئرٍ قديم.
خمس دقائق والفتاة تستغيث بأخوات زوجها، حاولت الفتيات إنقاذها لكن إنزلاقها السريع في البئر منعهن من ذلك. هرول عمها المسن والذي كان يشاهد الحادثة لكن عند وصوله إلى البئر كان صوت منيرة قد اختفى تماماً.
يقول محمد عليان العتيي والد زوج منيرة "كنت على مقربة منهن سمعت أصوات الصراخ، وشاهدت سقوط إحداهن، دقائق فقط وتأكدت أن إحداهن سقطت في البئر".
لا شبهة جنائية
ويضيف الرجل المسن والذي يرفض الآن ردم البئر قبل استخراج جسد الفتاة "حفرت هذه البئر قبل أربعين عاماً بحثاً عن الماء، وقمت بردمها في حينها، وضعت مانعاً حديديا لكن يبدو أن السيول الأخيرة حركته من مكانه".
ويقول العقيد محمد رافع مدير الدفاع المدني في محافظة الطائف لـ"العربية ": وصلنا إلى مؤشرات على وفاة منيرة، رائحة الماء، ووجود شعيرات بشرية، وكذلك ردة فعل الكلاب البوليسية أشارت إلى وجود جثة في البئر".
ويضيف رافع "ليست هنالك شبهة جنائية، فالتحقيق مع مرافقات منيرة قبل سقوطها أفضى إلى انتفاء هذه الشبهة".
وتشارك جهات عدة تتمثل في الدفاع المدني السعودي وهيئة المساحة الجيولجية وشركات خاصة مثل ارامكو في محاولة الوصول إلى جسد الفتاة المحاصر داخل الأرض، مع تذمر أسري من بطء العمل خاصة وأن عمليات الحفر وصلت تقريباً إلى منتصف البئر مع انقضاء اليوم السابع منذ سقوط الفتاة.
ويقول اللواء عادل زمزمي مدير الدفاع المدني في المنطقة الغربية "حفر بئر مجاور للبئر جعل الأمر يحتاج لوقت أطول". ويضيف " خشية ردم البئر الأول يتم الحفر مع بعض الإرشادات من قبل هيئة المساحة الجيولجية والمتعلقة بطبيعة التربة والتكوينات الصخرية".
اتصلت بزوجها قبل ساعة من سقوطها
حالة من الحزن والوجوم تسيطر على مشاعر أسرة منيرة، فزوجها الذي يراقب عمليات الحفر بإنهاك وحزن شديد، كان على اتصالٍ بها قبل ساعة من سقوطها في البئر.
يقول سلمان محمد لـ"العربية": "كانت تريد مني الحضور والاستمتاع معها بأجواء الطقس في القرية". ويضيف "كنت في الرياض في دورة عسكرية وكانت تتمنى أن تقدم إليّ مع أول إجازة". ويكمل الزوج الملكوم" أنا مؤمن بقضاء الله وقدره، لكن التأخر في الحفر يزيد من متاعبي النفسية".
ويشهد موقع البئر الذي سقطت فيه منيرة توافد عدد من أبناء عمومتها في قرية أم الدوم والتي يشكل الحزن فيها اليوم خبرا رئيسيا لعدم انتشال منيرة، جزء من هولاء يلقي باللائمة على عمل الشركة المتقاولة مع الدفاع المدني، كما أنهم رفضوا عرضاً من إحدى الشركات يقوم على إدخال عبوة بلاستيكية إلى داخل البئر لامتصاص جسد الفتاة.
ويقول ابن عمها عبدالرحمن العتيبي لـ"العربية ": رفضنا ذلك، مثل هالعبوة قد تؤدي إلى تقطع الجسد وامتصاص الرأس أو الصدر أو أي جزء من جسدها مفصولاً عن بقية أعضائها الأخرى". ويضيف "اليوم صدرت رائحة كريهة من البئر، هذا يشير إلى وفاة منيرة ويقطع دابر كل التأويلات المتعلقة بعدم وجودها واختفائها في شائعات اجتماعية".
سقطت منيرة و تركت خلفها طفلة في عامها الثاني وأحلاما أسرية في القرية الصغيرة ذات المنازل الستة، والتي تبعد نحو 250 كيلو متراً عن الطائف، ونحو 50 كيلو متراً عن مركز أم الدوم وفي عمق الصحراء التي يعيش فيها سكانها على رعي وبيع الأغنام.