معجزة صيام العالمين (3 )
عبادة الخاشعين
جلست فى وحدتي أتأمل حديثا لرسول ألله صلى ألله عليه وسلم يقول فيه عن أبى أمية ألشيبانى قال سألت أبا ثعلبة ألخشني قال :قلت ياأبا ثعلبة كيف تقول فى هذه ألآية(عليكم أنفسكم ) قال :أما والله لقد سألت عنها خبيراً سألت عنها رسول الله صلى ألله عليه وسلم فقال(ائتمروا بالمعروف وإنتهوا عن ألمنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعاً وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأى برأيه فعليك بنفسك ودع عنك ألعوام فإن من ورائكم أيام ألصبر ألصبر فيهن مثل ألقبض على ألجمر للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عمله)قيل يارسول الله أجر خمسين رجل منا أو منهم؟قال(بل أجر خمسين منكم ) وهنا تأملت مقولة الرسول فى هذا ألحديث ثم قلت فى نفسي نحن فعلا فى هذه الأيام فى زمان ألصبر وقد طرح رسول الله صلى الله عليه وسلم فرصة إغتنام كنز ثمين أجره مضاعف خمسين مرة عن أجر صحابي جليل وذلك لمن عمل به فرصة ثمينة لاتعوض هذا في أيام عادية غير رمضان فكيف يكون هذا ألأجر مضاعفا فى شهر رمضان ؟؟ولعلك تشتد دهشتك وفرحتك حينما تسمع قول الرسول صلى الله عليه وسلم فى حديث آخر مثل هذا ألحديث يقول فى آخره(أعطاه ألله ثواب خمسين صديقا ) فيا فرحة ألصابرين فمن ألمعروف أن أبى بكر ألصديق رضي الله عنه إيمانه يرجح إيمان هذه الأمة وثوابه عند الله عظيم جدا ولا يقارن ولكن الله الكريم يعلم بما يدور فى زماننا هذا وإتباع ألناس لسبل ألشيطان والصابر على إتباع شرائع دينه وخشية ألله كالقابض على ألجمر ،ومن العجيب أن ألإنسان يتهرَّب من ألفيض ألهائل من ألثواب ويهرع لإتباع ألمنكر فالعمل الصالح لايريد اجتهادا ولا مجهودا فهو فى غاية ألبساطه فمثلا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من عاد مريضا لم يزل يخوض فى ألرحمة فإذا جلس إغتمس فيها ) ورغم هذا الكرم فى الثواب نجد الإنسان غافلا عن هذه ألكنوز برغم أنه (أيَحْسَبُ أَلإنسَان أنْ يُترك سُدَى )فلن يترك الله ألإنسان بدون حساب أبدا ويصور الله ذل ألمكذبين بما وعد الله به عباده المؤمنون فيقول سبحانه وتعالى(وَلَوتَرَى إذ وُقِفوا عَلَى رَبِهِم قَالَ أليْسَ هَذا بالحَقْ ؟ قالوا بلى وَرَبُنا قالَ : فَذُوقوا العَذَابَ بما كنتم تَكْفرون إنه السؤال ألذى يزلزل ويذيب فيجيبون إجابة ألمهين ألذليل :بلى وربنا وهذا إعتراف بما إقترفوا فيحق عليهم ألعذاب ألأليم ،فهذا هو مشهدهم ألبائس ألمخزي ألمهين وهو مصير يتفق مع ألخلائق ألتي أبت على نفسها سعة ألتصور ألإنساني وآثرت عليه حجر ألتصور ألحسي ،وألتى أبت أن ترتفع إلى ألأفق ألإنساني ألكريم و أخلدت إلى ألأرض وأقامت حياتها وعاشت على أساس ذلك ألتصور ألهابط ألهزيل ونفرت من اغتنام الفرص والكنوز ألتي مهدها الله لهم على الأرض ليصبحوا أغنياء فى عالم ألخلود ،لذا كان ألصيام أعظم نعمة على كل ألعالمين ومعنى ألعالمين ليس قاصرا على ألكائنات الحية التي تقطن ألأرض ولكنها كلمة تشمل جميع ألمخلوقات ألتي تقطن في جميع أقطار ألكون كله بكل أجناسه بما فيها ألإنسان ألذى كرمه ألله على هؤلاء العالمين جميعاً ، فجحد وبغى وعثى فى ألأرض ألفساد إلا ألقليل ألنادر وهم ألصفوة من بني جنس ألإنسان ،وألنكته ألحقيقية والسخيفة أنه لم يتعظ من حياة ألأجناس ألأخرى ألتى تحافظ على ذكرها لله وشكرها فهى في حياتها مثلا رائعا للصبر وألتحمل وألرضا وألإقرار بفضل الله عليها فمثلا ألجمل يستطيع أن يصبر ويتحمل ألجوع وألعطش لأيام طويلة ويتحمل حرارة ألجو وتقلباته ولايتذمر على صاحبه وبعض أنواع ألعناكب تصوم ستة أشهر فى أعقاب ولادتها وقد عرفت ألحيوانات فضل الصيام وتأثيره ألرائع على الصحة فأصبحت ألقناعة ذريعة خالدة فى أعماقه ويحس مثلنا ويتألم فالحصان المريض يمتنع عن الطعام والكلاب إذا ما أصيبت بالكسور فى عظامها تصوم فترة قد تمتد إلى عشرين يوما كما إنه تمتلك وفاءاً نادرا جدا لصاحبها فتصوم حزنا على فقدانه إنها أمم وعوالم مثلنا يعيش كل منهم حياته كما شاء له الله ،فنحن راحلون حتما ومقبلون على الله مهما طال العمر أوقصر ويجب علينا ان ندير رؤوسنا فى كل إتجاه ونغوص فى بحار ألقرآن والعلم لنستخرج كنوزاً سوف تنفعنا وتنجينا وقت ألحساب ورمضان فرصة عظيمة يهبها الله للناس ليغتنمها أولى ألألباب ف(من قام رمضان إيمانا وإحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه )وإن فى كتاب الله آآية فيها ثلاث كلمات فقط ولكنها جمعت علم الطب والحكمة كلها وهى(كلوا وَأشْرَبُوا وَلأتُسْرفوا ) فلو صام ألإنسان وحافظ فى غذائه على إجتناب أكل ألدهون والنشويات والحرص على ألتقليل منها خرج من رمضان وهو مكتمل ألصحة وألعافية وهذه حقائق علمية تعلمتها جميع الكائنات فى فوائد الصيام فأسماك ألسلمون مثلاً تدأب فى رحلة من مياه ألأنهار ألعذبة إلى مياه ألبحر ألمالح وهو موطنها ألأصلى وتقطع رحلة شاقه طولها ألف ميل وتكون خلال هذه ألرحلة صائمة لأنه تعلم أن ذلك سوف يكسبها مرونة ورشاقه وخفة وتكون بذلك قادرة على ألهروب من شباك ألصيادين وهذا إلهام لها من الله فهى تؤدى دور عبادة بينها وبين خالقها وحده وهناك ألكثير والكثيرجدا من فوائد هذا الشهر ألعظيم وفوائد وعظات عظيمة نتعلمها ممن حولنا لنتعرف على بعض آيات الله فى ألأرض وفى ألكون وفى كل مكان ومن كل شىء وإلى حلقة قادمة إن كان لى فى ألعمر بقية
ساديكو