انتهت المحاكمه ..
• اعدام اربعة
• جلد اثنى عشر
• اشغال شاقه لـ ( ستةٍ وثلاثين ) شخصًا
حادثة دنشواى ..
من أبشع الحوادث والجرائم التى ارتكبها الإنجليز فى حق المصريين إبان فترة الاحتلال البريطانى لمصر .. لذا آثرت أن أقدم لكم نموذجا من المقاومة
قرية دنشواى : تقع في مركز الشهداء، شبين الكوم، المنوفية . (يعتقد ان الأسم مشتق قديما من دير جواى ثم تحول إلي دنجواى) ودنشواي تقع غرب مدينة الشهداء بحوالي خمسة كيلومترات و يقع بجوارها العديد من القرى مثل ابو كلس و ابشادي و دناصور و كفر دنشواي ويسكن دنشواي اكثر من 30 الف نسمة
الزمان : نهار يوم الاربعاء 13 يونيه 1906 م
الحادث
كانت مجموعة من جنود الإنجليز بقياده الميجور ( كوفين ) يتجولون بالقرب من القرية المنكوبة وكان الميجور مغرما بصيد الحمام فأقنع الميجور كوفين رجاله وهم كابتن بول ، ملازمين بورثر _ سميث ، طبيب بيطرى ملازم بوستك بان يتراهنوا لاصطياد الحمام من على أشجار دنشواى
وكان كوفين ، بول ، بوستك يطلقون الأعيره لاصطياد الحمام بجوار الاشجار على جانبى الطريق الزراعى ولكن تشاء الأقدار أن يتوغل بورثر ، سميث داخل القريه لوجود أبراج الحمام ويصوب ( بورثر ) بندقيته الى جرن الحمام الخاص بالشيخ ( محمد عبد النبى ) مؤذن القريه فتفقد زوجه الشيخ وعيها بعد ان اصابها عيار طائش .
وتنتقل الشائعات بسرعه غير عاديه بين اهل القريه : ان الضباط الانجليز قد قتلوا زوجه الشيخ واحرقوا الجرن فيتدافعوا للفتك بهم حيث فيما يبدوا أن مؤذن القرية نادى بالجهاد ضد الكفار ومن ناحيه الإنجليز حاول (كوفين ) ان يظهر العدل لأهل القرية فقام بورثر بالقبض على الجندى صاحب العيار الطائش وجرده من سلاحه ويتخلى عن بعض مقتنياته حتى يتم التحقيق معه .
ولكن اهل القريه الغاضبين صمموا على الفتك بهم فاسرع ( بول ، بوستك ) بالهرب لاحضار النجده من المعسكر
وفى الطريق سقط بول مغشيا عليه من اثر العطش واشعه الشمس الحارقه وواصل بوستك العدو لـثمانيه كيلوا مترات الى ان وصل معسكر الجيش الإنجليزى فى كمشيش .
ويقوم جنود المعسكر لنجده المحتجزين فى القريه ولكنهم فى الطريق يجدون سيد احمد سعيد وهو شاب مصرى كان يساعد بول الملقى ارضا وكان قد فارق الحياة فيظنون انه قتله فطاردوه الى ان سقط فإنهالوا عليه بالسمكى السكين الموجود بمقدمه البندقيه
ويندفع الجنود الإنجليز باتجاه القريه ويتم مهاجمه البيوت والاجران والحقول و........ فقبضوا على ستون نجح ثمانيه فى الهرب من رجال وشباب القريه وإحتجزوهم داخل الجامع تمهيدا لمحاكمتهم
وأصر اللورد كرومر الغاضب جدا مما حدث لضباطه وإهانتهم وموت أحدهم والقبض على بقيتهم من أهالى القرية وصمم على الإنتقام من أهل القرية وإلا سوف تمون العواقب وخيمة على مصر
المحاكمة
وشكل محكمة مكونة من :
بطرس غالى : رئيس المحكمه
احمد فتحى زغلول : عضو المحكمه وكاتب حيثيات الحكم
ابراهيم الهلباوى : المحامى الذى عين من قبل المحكمه للدفاع عن المتهمين ..!!
ومن المؤسف أن ابراهيم الهلباوى المحامى الذى من المفروض أن يدافع عن المتهمين كان يقوم بشرح ابعاد ما قام بها الاهالى ضد الساده الافاضل ضباط الجيش الانجليزى
انتهت المحاكمه بالاتى
• اعدام اربعه لكل من ( حسن علي محفوظ, يوسف حسني سليم, السيد عيسي سالم ومحمد درويش زهران ).. وأن يكون الإعدام أمام أفراد عائلتهم ليكونوا عبرة لهم فيما بعد
• جلد اثنى عشر
• اشغال شاقه للباقين ( ست وثلاثون )
صورة حقيقية للحادث ( الإعدام ) أمام أعين زويهم وأفراد عائلتهم
ويذكر المؤرخون عن العقاب الإلهى لأعضاء المحكمة واللورد كرومرهو :
اللورد كرومر : تم نقله من مصر بعد ان ظل مده ربع قرن كحاكم عسكرى
بطرس غالى : تم اغتياله بيد ( ابراهيم الوردانى ) احد رجال الحزب الوطنى
احمد فتحى زغلول : توفى 1914 بعد ان لاقى الامرين من معامله الناس
ابراهيم الهلباوى : توفى 1940 بعد ان ذاق الذل والهوان والتصق به لقب جلاد دنشواى حتى مماته
تحقيقات وملابسات ما بعد الحادث ..
وموقف الزعيم مصطفى كامل
يذكر عزت السعدنى فى جريدة الأهرام يوم السبت 24/ 6/ 2006 م السنة 130 العدد 43664 : " تقول الرواية الإنجليزية للحادث كما جاء في الوثائق البريطانية :
إن خمسة ضباط إنجليز امتطوا الخيل ومعهم الأومباشي زقزوق والترجمان عبد العال .. في طريقهم إلي دنشواي لصيد الحمام .. وبدأ الصيد في الثانية ظهرا .. وفجأة اشتعلت النار في جرن القرية في أكوام القمح دون سبب وتجمع الأهالي وحاولوا نزع بندقية الضابط بورتر , ولكن رصاصة انطلقت منها أصابت أم محمد عبد النبي زوجة مؤذن القرية .. وبدأ الأهالي يتحرشون بالضباط وضربوا ثلاثة منهم بينما فر الآخران .. وسقط واحد منهم , اثر ضربة شمس أودت بحياته !
*أما الرواية المصرية من واقع سجلات المحاكمة فإنها تؤكد أن الضباط الإنجليز أطلقوا النار علي الحمام فأصابوا أم محمد عبد النبي وثلاثة آخرين وأنهم أشعلوا النار في جرن القرية وقتلوا احد الفلاحين في قرية سرسنا القريبة الذي حاول ري عطش الضابط بول الذي سقط نتيجة ضربة شمس !
*جمع البوليس250 من أهل القرية وقدم منهم59 للمحاكمة أمام المحكمة المخصوصة التي أنشأها الإنجليز عام1895 لمحاكمة المصريين الذين يعتدون علي الإنجليز!
*قالت جريدة المقطم يوم18 يونيو1906 إن المشانق أعدت داخل القرية قبل التحقيق!
*يوم27 يونيو أصدرت المحكمة المخصوصة التي أنشأها بطرس غالي باشا الأحكام التالية:
*إعدام أربعة هم.. حسن علي محفوظ , يوسف حسني سليم , السيد عيسي سالم و محمد درويش زهران ..
وبالأشغال الشاقة المؤبدة علي محمد عبد النبي وأحمد عبد العال محفوظ والأشغال الشاقة 15 عاما علي أحمد السيسي والأشغال الشاقة 7 سنوات علي 6 آخرين و الجلد 50 جلدة بالقطة الإنجليزي ذات الأذرع الخمسة علي 8 من أهل القرية .
*في الثانية من ظهر يوم28 يونيو تم تنفيذ كل الأحكام داخل قرية دنشواي وعلي مشهد من الجميع!
سمع مصطفي كامل بالحادث وكان في باريس فكتب مقالا في جريدة الفيجارو الفرنسية تحت عنوان'إلي الأمة الإنجليزية والعالم المتمدن' ناشد فيه العالم الوقوف إلي جانب مصر
ثم سافر إلي لندن وكتب في صحفها وأعلن في كل مؤتمر واجتماع أنه حان الوقت لإعطاء مصر حريتها..وانتهي الأمر بانجلترا إلي سحب اللورد كرومر من منصبه في مايو عام1907 أي بعد أقل من عام علي حادثة دنشواي!
استغل الزعيم الوطني «مصطفى كامل» هذه الحادثة وأثار دول العالم على جرائم الإنجليز الوحشية بمصر وغيرها وقاد حملة دولية في فرنسا وألمانيا وحتى إنجلترا نفسها ضد هذا العدوان الغاشم، وقد نجحت حملته نجاحًا باهرًا، حيث تم طرد اللورد كرومر الصليبـي من منصبه كحاكم لمصر وسقطت حكومة مصطفى فهمي الموالية للإنجليز بعد 13 سنة من الحكم، وتم تخفيف أحكام السجن عن باقي المتهمين في القضية .
*وقال شاعر النيل حافظ إبراهيم :
قتيل الشمس أورثنا حياة.. وأيقظ هاجع القوم الرقود..
فليت كرومر قد بات فينا .. يطوق بالسلاسل كل جيد
لننزع هذه الأكفان عنا.. ونبعث في العوالم من جديد .
*وقال الشاعر أحمد شوقي :
يا دنشواي علي ربــــــاك سلام .. ذهبت بأنس ربوعك الأيام
يا ليت شعري في البروج حمائم .. أم في البروج منيّة وحِمام ؟
*وقال قاسم أمين بعد الحادث :
رأيت عند كل شخص تقابلت معه قلبا مجروحا ورعشة عصبية في الأيدي وفي الأصوات .. كان الحزن علي جميع الوجوه .
......