تداولت وسائل إعلام ومواقع إلكترونية عديدة تقارير عن مؤامرات تحيكها شركات الأدوية لتسميم العالم عن طريق لقاحات الإنفلونزا، خاصة لقاحات إنفلونزا الخنازير التي تم تطويرها على عجل لمواجهة أي وباء عالمي قادم.
ففي مقالات متعددة لكتاب الصحة والعلوم، مثل بيل ساردي وثائر دوري وغيرهما، عدد المؤلفون أسبابا لعدم الثقة بلقاحات الإنفلونزا أهمها أن إنفلونزا الخنازير مجرد إنفلونزا، وأن أول ألف إصابة باليابان والصين لم تتسبب بأي وفيات.
وذكروا أن لقاحات الإنفلونزا السابقة كانت عديمة الفائدة وقائيا، فهل يمكن الثقة بنفس المنتجين للقاح الجديد.
وقد ذكر معارضوه أن الإضافات المساعدة (adjuvants)، كأملاح الزئبق والتمروزال والألمونيوم والسكوالين، قد تسبب أضرارا كأمراض المناعة الذاتية، كما أن إجازة اللقاح الجديد تمت باستخدام تركيبات لقاح افتراضي (mock)، وليس لقاحا فعليا.
المناعة الطبيعية
وحذروا من الإفراط بتطعيم الأطفال لأنه غير معلوم العواقب، وأشاروا لوجود قرائن تربط تلقيح الحوامل باحتمال ظهور مرض التوحد لدى أطفالهن.
وزعم ساردي أن ظهور إنفلونزا الخنازير بالمكسيك تزامن مع زيارة الرئيس الفرنسي للإعلان عن عزم فرنسا إقامة مصنع لقاحات هناك يتكلف ملايين الدولارات، ملمحا إلى شبهة مؤامرة في ذلك.
وذكروا باندلاع إنفلونزا الخنازير عام 1976 واللقاح المطور آنذاك الذي سبب وفيات أكثر من المرض ذاته، وتسبب بظهور متلازمة غيان-باريه، أحد أنواع الشلل يبدأ من أسفل الجسم لأعلاه ويقتل لدى وصوله عضلات التنفس.
وإذا كان المتضررون آنذاك تلقوا تعويضات، فقد نالت شركات الدواء لاحقا حصانة قانونية ضد الملاحقات القضائية المتصلة بأضرار اللقاحات.
وانتقد ساردي تجاهل السلطات الصحية لفوائد زيادة المناعة الطبيعية للجسم بالتعرض للشمس واستخدام فيتاميني "سي" و"دي" وعناصر كسيلينيوم لمقاومة المرض طبيعيا.
ويلفت دوري إلى محدودية فوائد لقاحات الإنفلونزا نظرا لأنه فيروس متغير باستمرار.
لا توثيق أكاديميا
ويلاحظ إجمالا أن معظم هذه المقولات يطرحها كتاب وناشطون وليسوا –بالضرورة- أطباء أو باحثين مختصين، وذلك دون توثيق أكاديمي. أما منظمة الصحة العالمية فإن صمتت عن الوباء ستتهم بالإهمال، ولو تابعته بالمراقبة والتوجيه تصبح متهمة بإثارة الذعر لتنشيط مبيعات شركات الدواء.
وتذكر الأبحاث الجديدة أن فيروس H1N1 سبب عدداً مقدرا من الوفيات منذ ظهوره مؤخرا، واتضح انتماؤه لنفس سلالة فيروس جائحة إنفلونزا 1918-1919.
وذكرت الأبحاث أن إجازة إدارة الغذاء والدواء للقاحات الجديدة كانت متعجلة فعلا، ولكنها قانونية بـ"صلاحية الاستخدام الطارئ" (EUAs).
وتضيف الدراسات أن اختبارات فاعلية وسلامة اللقاح مستمرة لمختلف شرائح المرضى، وأثبتت فاعلية مقبولة في إنتاج حصانة ضد المرض، تماثل نتائج اللقاحات الموسمية.
وبحسب مركز السيطرة على الأمراض (سي دي سي) تحتوي حقن اللقاح على فيروسات مقتولة لا تسبب عدوى، بينما يحتوي لقاح رذاذ الأنف على فيروسات مضعفة نادرا ما تنقل العدوى.
تحذيرات وأعراض
ويحذر المركز من تطعيم ذوي الحساسيات من بيض الدجاج، ومن سبقت إصابتهم بمتلازمة غيان-باريه، ومن أظهروا سابقا استجابات شديدة لقاحات الإنفلونزا، والأطفال دون 6 أشهر، والمصابين بأي حمى وقت التطعيم.
وتشمل الأعراض الجانبية ألما واحمرارا وتورما بمكان الحقن وحمى منخفضة وأوجاعا، بينما تشمل أعراض اللقاح عن طريق الأنف رشحا وصداعا وسعالا وحرقانا بالحلق، إضافة لضيق الصدر والقيء وأوجاع عضلية وحمى بالنسبة للأطفال.
والمعلوم أن إجراء كافة الاختبارات القانونية للعقاقير قبل إجازتها لا يكفي لحصر الأعراض الجانبية، فبعضها لا يظهر قبل استخدامها لجيل كامل.
فعقار الثاليدومايد، مثلا، لم تظهر أعراضه الجانبية على أطفال الحوامل اللاتي استخدمنه إلا بعد سنوات طويلة من استخدامه.
وبحسب الخبراء لا ينبغي أن يشغل الجدل حول اللقاح عن قواعد الصحة العامة من تغذية ونظافة ووقاية، ولا ينبغي لأي مريض أن يتعاطي لقاحا أو عقارا دون استشارة طبية كافية.