DEMA .
عدد الرسائل : 1686 نقاط : 58499
شارك الموضوع Share:
| موضوع: وماذا بقي للعرب؟ 2009-09-09, 23:19 | |
|
لا نريد أن نجلد الذات العربية وقد أنهكها الجلد، أو أن نثبط الهمم، وقد أصابها ما أصابها، ولكن الإحساس بالمشكلة والاعتراف بوجودها، هو الخطوة الأولى نحو الحل. إلى جانب فخر الأمة العربية بكونها منبع الإسلام ومهد الحضارات، ماذا يمكن أن نفخر به نحن العرب في الوقت الحاضر؟ نعم لدينا تاريخ عريق، وأهرامات عظيمة وعجائب مثيرة، وموارد اقتصادية كبيرة ومتنوعة، وعدد كبير من السكان يتجاوز 300 مليون. ولكن هل نفخر بتقدم التعليم في الدول العربية؟ لا أعتقد ذلك، فالتعليم العربي في مأزق. القوى العربية العاملة لا تكاد تلبي احتياجات التنمية حتى في البلدان التي تعاني فائضا كبيرا في الأيدي العاملة، وذلك لتدني تدريبها وتأهيلها. إن زيارة الجامعات العربية في مراكز العلم والثقافة المعروفة، تكشف أنها جامعات تنتمي إلى القرن الماضي وليس لهذا القرن الجديد بأي حال من الأحوال. كما أن استعراض احتياجات أسواق العمل الخليجية، يُظهر أن العمالة الآسيوية تتفوق على العمالة العربية من حيث التأهيل والمهارات الأساسية. ولا شك أن تخلف التعليم في الدول العربية هو سر ضعف العرب مقارنة بغيرهم. فلا يمكن لأمة أن تنهض دون وجود نظم تعليمية جيدة وحديثة. وهل تبلور الخطاب العربي الفاعل المواكب للتغيرات والمتغيرات الدولية؟ ليس بالضرورة، فالخطاب العربي السياسي والديني الموجه للعالم لا يزال تقليدياً ومتناقضاً، وغير مؤثر، بل مثير للاستغراب أحياناً والشفقة أحياناً أخرى. فإعجابنا بالمستوى التعليمي لدى للفلسطينيين - على سبيل المثال - لم يمكّنهم من تطوير خطاب فعال، فخطابهم السياسي يتسم بالتناقض، ويفتقر إلى التأثير، بل يثير اللبس في الأذهان لدى الشرق والغرب، ما أضعف القضية وأفقدها التعاطف العالمي. وهل نفخر بما حقق العرب في قضيتهم المحورية (الفلسطينية) في مجلس الأمن، والجمعية العمومية، ومن خلال الرباعية، ومؤتمرات السلام؟ بالعكس، في ظل الانقسام الفلسطيني والضعف العربي، تتوسع إسرائيل في الاستيطان لتضعهم أمام واقع مر، وتسعى إلى تهويد القدس بالقسر والقوة، وبطريقة غير إنسانية، على مرأى ومسمع الدول الكبرى والصغرى، نتيجة خشيتها من تزايد العرب بسبب ارتفاع معدلات نموهم مقارنة باليهود. وهل تمكنت جامعة الدول العربية من تهيئة الأوضاع الثقافية والاقتصادية والسياسية لوحدة أو تكامل بين الدول العربية؟ هناك مَن يرى أنها لم تحقق أي نجاح يذكر في مجال السياسة ولم تبذل جهداً يذكر في مجال الثقافة والاقتصاد. فلو ركزت على الثقافة والتكامل الاقتصادي لكان أفضل من تركيزها على السياسة فقط. وهل حققت التنمية العربية طموحات شعوبها؟ الإجابة بالنفي، فمعدلات البطالة مرتفعة، والتنمية في معظم الدول العربية غير متوازنة تركز على المركز وتهمش الهوامش، ما أضعف الاندماج بين القوميات والمذاهب الدينية، وأثار الحروب وأجج الانقسام ومطالبات الانفصال. وهل نفخر باستثمارات العرب في الداخل والخارج؟ ربما ولكن كثير من الاستثمارات في الخارج لم تنعكس على تنمية البلدان العربية. أما في الداخل، فأغلب الشركات الخاصة والمساهمة تسعى لاستغلال الشعوب العربية، بدلاً من مساعدتها. فأصبحت الموضة الشائعة بين رجال الأعمال القادرين هي تأسيس شركات خاصة، لتُطرح للاكتتاب العام ويتهافت المساكين للاكتتاب فيها، ليس إلا لسحب السيولة من أيدي الفقراء وزيادة ثراء رجال الأعمال الذين ضاعفوا تقييم شركاتهم قبل طرحها، من أجل استرداد قيمة الشركة مرتين أو ثلاث، دون مراقبة جادة من الجهات المسؤولة. وهل يمتلك العرب مصادر مياههم؟ من المؤلم أن أكثر من نصف المياه العذبة السطحية في الدول العربية تنبع في بلدان غير عربية، ما يهدد الأمن المائي، ويعرض التنمية للخطر. وبخلاف الحاضر، هل نعزي أنفسنا بأن المستقبل سينصفنا، ونقول لأبنائنا بأننا قادمون؟ نتمنى ذلك، ولكن إذا كان العرب لا يخططون بفاعلية، وليس لديهم الاستراتيجيات والأدوات الكافية لفهم المستقبل والاستفادة منه، ولا يعترفون بمراكز الدراسات المستقبلية، فكيف لنا أن نحلم بمستقبل مشرق؟! ثم يقول أحدهم: لماذا نتشاءم كثيراً وقد حبانا الله بنعم كثيرة؟ فالوطن العربي هو مركز العالم الإسلامي الكبير، ويتمتع بموقع استراتيجي مميز يربط بين الشرق والغرب، ويمتلك ثروات طبيعية هائلة، ولديه عدد كبير من السكان. إذاً، لا ينقص الدول العربية سوى خلطة سحرية من الإمكانات والموارد المتاحة، فالتنمية ما هي إلا خلطة بمقادير معينة من العناصر المذكورة آنفاً. فإصلاح التعليم، وتنمية الموارد المائية، وتنمية الوعي السياسي، وتطوير البحث العلمي، وإصلاح الاقتصادات وأسواق المال، كفيل بتحقيق أحلام العرب، وتحويلهم من مجتمعات استهلاكية إلى مجتمعات منتجة يُحسب لها حساب، ولكن لا تسألني - أيها القارئ الكريم - عن كيفية تحقيق ذلك؟ فالقائمون على خطط التنمية في الدول العربية قد يمتلكون الإجابة أو جزءاً منها، ولكم تحياتي. الاقتصادية
| |
|